• الساعة الآن 05:45 PM
  • 25℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

‏نايف القانص يكتب: من تغييب العقل إلى صناعة القتلة..جريمة اغتيال افتهان المشهري نموذجاً

news-details

 

نايف القانص

معركتنا اليوم ليست بالسلاح، بل هي معركة توعية تستهدف العقل الذي تعمل المليشيات وجماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الدينية على تغييبه وتجهيله. فالعقل الذي خُلق باحثًا مدركًا، يسعى إلى تطوير قدراته الذاتية والمعرفية والعلمية ليصبح إنسانًا منتجًا نافعًا لذاته وأسرته ومجتمعه ووطنه، يجري تحويله إلى عقل معطَّل، مبرمج على التلقين، مستهلك غير منتج، مسيَّر لا مخيَّر، يُستخدم أداةً في الأذى والإرهاب، دون أن يدرك صاحبه ماذا يفعل ولا لماذا يفعل، سوى أنه ينفذ أوامر مُضلِّليه.

خذوا هذا النموذج:

شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره.
انظروا إلى ملامحه: هل تبدو ملامح إجرام؟
لكن كيف تحوّل إلى قاتل، وأزهق روح افتهان المشهري، المرأة النموذجية الناجحة، المثقفة المنتجة، صاحبة العقل المنفتح المشبع بالمعرفة، النافعة لمجتمعها ووطنها؟

محمد صادق، ذلك الشاب، اعترف بكل براءة بمن دفعه إلى ارتكاب الجريمة. لكنه في النهاية لم يكن سوى أداة رخيصة جرى التخلص منها بعد استخدامها. أما الإرهاب الأكبر، فهو الفكر المتطرف الذي لا يزال قائمًا، يغوي الآلاف من الأبرياء، ويحيلهم إلى قتلة ومجرمين، ويعطّل عقولهم. في حين كان مكانهم الطبيعي أن يكونوا في المدارس والجامعات، ينهلون من العلوم، ويشيعون قيم الحب والتسامح، ليصنعوا جيلًا يبني ذاته ووطنه، لا جيلًا مدمرًا متخلفًا يهدم ولا يبني.

وإذا عقدنا مقارنة منصفة: ماذا خسر الوطن باغتيال عقلٍ مضيء وكادر وطني كـ افتهان؟ وماذا مثّل ذاك الفتى الذي استُخدم كأداة؟ لا يساوي إصبعًا من يدها، وحتى لو ساوى، فقد كان إصبعًا سرطانية وجب بترها.

إن القضية لا تنتهي بمقتل الجاني. بل تظلّ قائمة ما لم نستوعب ما الذي يجري، ومن يقف وراءه، وكيف يمكن أن نتخلص من هذه الأفكار الظلامية ومروّجيها. وحده بناء وطنٍ تحكمه الدولة المدنية العلمانية، ويُدار بالنظام والقانون، كفيل بأن يحوّل وطننا إلى جنة على الأرض. أما من يروّجون للدين المسيس، فإنهم لا يحيلون الأوطان إلا إلى جحيم، ويبيعون للجهلة أوهام جنّةٍ في الخيال.

شارك الخبر: