• الساعة الآن 01:31 PM
  • 26℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

نايف القانص يكتب: ‏الأنواع الحقيقية في الواقع اليمني بين الماضي والحاضر

news-details

 

نايف القانص

إنَّ جميع الظواهر التي نشهدها اليوم على الساحة اليمنية — من فرض التخلف، وتكريس الجهل، وإشاعة الفقر، وانعدام الخدمات — تنتمي في جوهرها إلى أنماط حقيقية لها خصائص مشتركة؛ فهي، في بنيتها العميقة، ليست مختلفة عمّا كان عليه حال اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م. وبذلك، فإن الحاضر يعكس الماضي في صورة موازية، وإن تغيّرت بعض التفاصيل السطحية.

هذه الحقائق ليست تصنيفات اعتباطية من جانبنا، بل استنتاجات قائمة على ملاحظات وتجارب متراكمة. نعم، قد نخطئ أحيانًا في وصف هذه الأنماط، لأن معرفتنا تظل مقيدة بالضرورة بما تكشفه لنا خبراتنا حتى اللحظة الراهنة.

فلو لم تكشف لنا تجربتنا عن وجود أنماط أو أنواع حقيقية، لما أمكن صياغة أي تعميمات، ولما امتلكنا أساسًا للمعرفة العلمية. لكن، كيف نعرف أن هذه الأنواع موجودة بالفعل؟ الجواب: لأن الواقع نفسه يكشف عنها — بوقائعه وظواهره — فهو يتحدث بلغته الصامتة، ويبرهن بنفسه على استمرار هذه البُنى التي تشد الحاضر إلى ماضيه.

وفي هذا السياق، يصبح فهمنا للأنواع الحقيقية، ليس مجرد تحليل سطحي للوقائع، بل أداة منهجية تمكّننا من دراسة الواقع اليمني بعمق، وفهم أسباب استمرارية الظواهر السلبية، وتأطيرها ضمن بنى اجتماعية وسياسية متماسكة. هذا الإدراك يمكن أن يكون قاعدة أساسية لأي محاولة إصلاح أو تنمية، لأنه يحررنا من التشخيصات العشوائية ويمنحنا رؤية علمية تتناول الجذور، لا فقط الفروع. ومن هنا، تتجلى أهمية العمل المستمر على تكثيف المعرفة المتراكمة، وتوسيع آفاق التجربة، لنصل إلى توصيف دقيق يمكن البناء عليه من أجل مستقبل مختلف.

شارك المقال: