• الساعة الآن 12:36 PM
  • 23℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

ركود يضرب الأسواق وجبايات مستمرة.. هل تتجه صنعاء نحو انهيار اقتصادي؟

news-details

 

 

النقار – خاص

 

الركود وتدهور القدرة الشرائية

يشهد النشاط التجاري في مناطق سيطرة سلطة صنعاء ركودًا اقتصاديًا غير مسبوق، تفاقم بشكل واضح خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ووصل ذروته هذا العام، حتى في موسم رمضان – الذي عادةً ما يشهد انتعاشًا في حركة الأسواق.

تراجع الإقبال على الشراء بشكل حاد، ما يعكس تدهور القدرة الشرائية للمواطن، وتنامي حالة الفقر التي خلّفتها السياسات الاقتصادية المتبعة.

يقول أحد تجار الجملة لـ”النقار”، مفضلًا الإشارة إليه بـ”العمري”: "المبيعات انخفضت بأكثر من الثلث مقارنة بالعام الماضي. كنا نبيع كميات كبيرة، اليوم محلات التجزئة تطلب بالكرتون أو نصف الكرتون فقط.” ويضيف أن الركود، الذي بدأ بالتدريج قبل ثلاث سنوات، أصبح هذا العام “مخيفًا وينذر بإفلاس وإغلاق الكثير من المحلات”.

أما “العُبيسي”، وهو تاجر تجزئة، فأكد أن نحو ربع الكميات الرمضانية التي استوردها هذا العام لم تُصرف، رغم أنه قلّص الكمية مقارنة بالعام الماضي.

هذا الركود لم يعد ظرفًا استثنائيًا، بل أصبح واقعًا يوميًا، يعمّق من الأزمة الاقتصادية والمعيشية، ويثير أسئلة حقيقية حول مستقبل السوق المحلي في ظل غياب أي حلول ملموسة.

 

سياسات الجباية وغياب المعالجات الاقتصادية

رغم وضوح مؤشرات التدهور الاقتصادي، تصرّ سلطة صنعاء على إدارة الملف الاقتصادي بعقلية الجباية، متجاهلة تراجع القدرة الشرائية، وانكماش السوق، ومعاناة التجار والمواطنين معًا.

أُلغِي المجلس الاقتصادي الذي يفترض أن يتولّى مسؤولية رسم السياسات العامة، واستُبدل بلجنة خاصة تدير الاقتصاد بطريقة فوقية، لا تخضع لأي رقابة أو مساءلة.

يؤكد مصدر اقتصادي مطّلع لـ”النقار” أن اللجنة كانت على علم بتراجع الإيرادات في نقاشات سابقة مع جهات حكومية، لكنها رفضت مقترحات صرف المرتبات أو تحريك المشاريع الراكدة، مفضّلة الاستمرار في تعظيم الإيرادات بأي وسيلة.

ويشير المصدر إلى أن اللجنة قبلت لاحقًا مقترحين من أصل ثلاثة، لكن تطبيقهما كان شكليًا، عبر إصدار قانون لصرف المرتبات ومعالجة وضع صغار المودعين، دون أن ينعكس ذلك فعليًا على النشاط الاقتصادي.

فالمرتبات ما تزال تُصرف لفئات محدودة، بنصف راتب فقط، وبحسب كشوفات 2014، التي فقدت قيمتها الشرائية إلى أكثر من النصف بسبب تدهور العملة.

 

الجبايات المستمرة وتأثيرها على السوق

فرض الجبايات لم يتوقف، بل يتسع عامًا بعد عام، ويشكّل ضغطًا إضافيًا على السوق والمستهلك معًا.

الجماعة تعتمد على هذه الإيرادات في ظل غياب أي بدائل اقتصادية حقيقية، ما يجعل من الجباية نهجًا دائمًا لا ظرفًا استثنائيًا.

التاجر “نبيل عبد الله”، الذي كان يملك محلين لبيع الملابس النسائية يعمل فيهما ستة عمال، اضطر مؤخرًا لإغلاقهما، والانتقال إلى “بسطة” صغيرة في أحد الأسواق، ويقول لـ”النقار”:

“العمل تراجع إلى أكثر من النصف، والجبايات في ازدياد. حاليًا لدي بسطة، والله يعلم كيف سيكون الحال العام المقبل.”

أما “عبد العزيز الدُبَعي”، مالك محل ملابس رجالية، فقلّص مساحته من فتحتين إلى واحدة، وغيّر نوعية البضائع المعروضة لتناسب القدرة الشرائية المتدهورة.

“أصبحنا نبيع القطعة بـ1000 أو 1500 ريال. الناس لم تعد تبحث عن الجودة بل عن الأرخص.”

كثير من المحلات التجارية في صنعاء لم تغلق أبوابها خلال عطلة العيد، باستثناء محلات الصرافة، وهي ظاهرة توسعت هذا العام، في مؤشر واضح على حجم الأزمة.

“متطلبات رمضان والعيد كثيرة، والدخل قليل”، يقول سلمان البروي لـ”النقار”، “والإغلاق أيام العيد يعني الصرف من رأس المال”.

 

أعباء الزكاة.. سيف على رقاب التجار

رسوم الزكاة التي تُفرض على التجار تتزايد سنويًا، دون مراعاة لتراجع المبيعات أو ضعف السوق.

يؤكد علي مقبل، مالك محل حلويات: “قبل أربع سنوات دفعت 25 ألف، هذا العام وصلت إلى 60 ألف ريال، رغم تراجع المبيعات”. أما عبد الله مثنى، مالك مطعم، فقد تعرض للسجن لأنه أراد دفع نفس المبلغ الذي دفعه في العام السابق.

مصدر قضائي في محكمة الأموال العامة بصنعاء أفاد لـ”النقار” أن المحكمة تنظر حاليًا في أكثر من 20 قضية رفعها تجار ضد هيئة الزكاة، على خلفية رفع تقديرات الجباية، والتعامل التعسفي مع المحلات.

 

هجرة رؤوس الأموال وضرب القطاع الخاص

تصاعد الضغط على التجار، وخصوصًا خلال فترة تولي محمد المطهّر وزارة الصناعة والتجارة (أبريل 2022 – يوليو 2024)، أدى إلى هجرة جماعية لرؤوس الأموال.

مصدر اقتصادي قدّر حجم الأموال التي خرجت من مناطق سيطرة الجماعة بأكثر من 10 مليارات دولار خلال هذه الفترة، مشيرً…

 

 

شارك الخبر: