• الساعة الآن 10:31 PM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الهجرة الأفريقية إلى اليمن: مسار الموت والربح على طريق القرن الأفريقي – تقرير تحليلي شامل لآليات التهريب والإدارة في ظل الحرب

news-details


خاص - النقار 

تُعدّ الهجرة غير النظامية من منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن أحد أكثر طرق الهجرة البحرية ازدحاماً وخطورة في العالم، حيث يمثل هذا المسار تحدياً إنسانياً وأمنياً يزداد تعقيداً في ظل النزاع المسلح الذي يمزق اليمن.

 يستهدف هذا التقرير تقديم تحليل شامل لأبعاد هذه الظاهرة، بما في ذلك مصادر تدفق المهاجرين، وحجم الأعداد، وآليات الإدارة، وبنية شبكات الاستغلال والاتجار بالبشر.

الجذور والدوافع: محركات الهجرة من القرن الأفريقي

يأتي المهاجرون بشكل أساسي من دول القرن الأفريقي، وتحديداً إثيوبيا والصومال، ويعتمدون على هذا الممر البحري الذي ينتهي بهم على شواطئ اليمن. وعلى الرغم من أن اليمن يمثل في الواقع منطقة صراع خطرة، إلا أنه لا يزال يُنظر إليه كنقطة عبور إجبارية ووجهة رئيسية للباحثين عن فرص اقتصادية أفضل في دول مجلس التعاون الخليجي.  

 تشمل الدوافع الرئيسية الأوضاع الاقتصادية الصعبة والصراعات المستمرة في دول النزوح، مما يزيد من حوافز الهجرة غير النظامية. ومن الملاحظ أن هذه الدوافع لم تعد مقتصرة على الأسباب الجيوسياسية والفقر فحسب، بل أصبحت العوامل المناخية والبيئية تلعب دوراً متصاعداً بشكل كبير إذ

تشهد منطقة القرن الأفريقي تقلبات مناخية حادة تؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان داخلياً وخارجياً. وتشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن نسبة تصل إلى 58% من المهاجرين القادمين من المنطقة الصومالية في إثيوبيا، خلال فترات سابقة، نزحوا بسبب الكوارث الطبيعية تحديداً. 

وقد سهل النزاع المستمر وضعف السيطرة الحكومية في اليمن عمل المهربين وشبكات الجريمة المنظمة، ولكنهما في الوقت ذاته يزيدان من مستوى المخاطر على المهاجرين. وبذلك، يتحول اليمن، بسبب انهيار سلطاته المركزية، إلى بيئة مثالية للجريمة المنظمة العابرة للحدود، بالرغم من أن المهاجرين يسعون فقط لاستخدامه كجسر للعبور.  

حجم التدفقات والمخاطر الموثقة

يستمر هذا المسار في استقطاب أعداد ضخمة من المهاجرين سنوياً، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يقارب 100,000 مهاجر أفريقي يصلون إلى اليمن كل عام. يؤكد هذا العدد الهائل أن اليمن يظل بوابة العبور الأساسية على الرغم من حالة الحرب، مما يدل على قوة عامل الجذب الاقتصادي لدول الخليج (الوجهة النهائية) مقارنة بالصعوبات الأمنية في اليمن (نقطة العبور).  

ويأتي هذا التدفق مصحوباً بمستويات مخاطر مرتفعة للغاية. فقد سجلت المنظمة الدولية للهجرة حوالي 400 حالة وفاة واختفاء على طول هذا الطريق الممتد، مما يؤكد الطبيعة المحفوفة بالموت والاستغلال التي يتسم بها المسار. وتؤكد هذه الإحصائيات أن الهجرة عبر اليمن تتحول إلى عملية موت ممنهج للمئات، إذ غالباً ما تنتهي رحلة المهاجرين مأساوياً إما غرقاً في البحر أو ضحايا للانتهاكات على رمال الصحراء على الحدود اليمنية السعودية.  

على الرغم من إعلان السلطات في اليمن عن بعض الإجراءات الأمنية الصارمة ضد المهربين، والتي يُقال إنها ساهمت في خفض عدد المهاجرين بنسبة 8% في فترة سابقة ، فإن استمرار وصول 100,000 شخص سنوياً يوضح أن هذه التدابير الأمنية غير كافية لمعالجة الأزمة من جذورها فالمشكلة لا تنحصر في سهولة الوصول إلى اليمن فقط بل تصل الى استمرار الطلب على العمالة الرخيصة في دول الخليج المجاوِرة، وهو العامل الذي يستمر في تغذية هذا التدفق.  

وتستخدم المنظمة الدولية للهجرة (IOM) مصفوفة تتبع النزوح (DTM) لمراقبة هذه التدفقات، ولكن التحديات اللوجستية والأمنية في اليمن تعني أن هناك مناطق شاسعة لا تستطيع مصفوفة التتبع الوصول إليها ، مما يشير إلى أن الأعداد الفعلية للواصلين والضحايا قد تكون أعلى بكثير من التقديرات المتاحة.  

الاستغلال والاتجار بالبشر: اقتصاد الظل

يُدار مسار الهجرة الأفريقية عبر اليمن بواسطة شبكات إجرامية منظمة تستغل هشاشة الوضع الأمني والسياسي في اليمن. وتُعدّ هذه الشبكات المستفيد الأول من الأزمة، حيث تحوّلت عملية العبور من مجرد تهريب إلى اتجار بالبشر في معظم الحالات.

هيكلية شبكات التهريب والاتجار

يخضع المسار اليمني لسيطرة شبكات تهريب واتجار بالبشر تمارس مختلف أنواع الانتهاكات على المهاجرين. ويتمثل الطابع الإجرامي لهذه الشبكات في تحويل المهاجرين المهرَّبين، الذين اعتمدوا على مساعدة هذه الشبكات لدخول اليمن، إلى ضحايا للاتجار فور وصولهم إلى الساحل اليمني.  

يتعرض ضحايا الاتجار في اليمن بشكل خاص للابتزاز والاستغلال، وتشمل الفئات المستهدفة النساء والأطفال. ويتم غالباً الاتجار بالأطفال ونقلهم إلى دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، لأغراض العمل القسري أو الاستغلال الجنسي. هذا التحول من "التهريب" (الذي ينطوي على نقل الأشخاص بموافقتهم) إلى "الاتجار" (الذي يتضمن الاستغلال والاحتجاز القسري) يشكل جزءاً لا يتجزأ من نموذج العمل الإجرامي. حيث يتم احتجاز المهاجرين عند وصولهم للمطالبة بـ "رسوم عبور" إضافية أو ابتزاز الفدية من أسرهم، مما يضمن تدفق الأرباح للمتاجرين.  

من المؤسف أن اليمن، رغم اتخاذه خطوات إيجابية لمكافحة الاتجار بالبشر في الماضي وعقده ورش عمل دولية في عام 2013 لتعزيز تشريعاته القانونية ، شهد انهياراً في جهود المساءلة. لقد جعل الانهيار الأمني والسياسي اللاحق (منذ 2015) هذه التشريعات غير قابلة للتطبيق، مما حوّل اليمن إلى ملاذ آمن للمتاجرين بالبشر بدلاً من كونه نقطة عبور خاضعة للرقابة.

الانتهاكات الموثقة وظروف الاحتجاز

يواجه المهاجرون الذين يعبرون اليمن شتى أنواع الانتهاكات، بما في ذلك العنف الجسدي، والاحتجاز التعسفي، والاستغلال المالي والجنسي، بالإضافة إلى الاحتجاز لغرض طلب الفدية.

وتتمثل البنية التحتية للاستغلال في ما يُعرف بـ "الأحواش" أو أماكن الاحتجاز غير النظامية. هذه "الأحواش" هي مواقع احتجاز كبيرة وسرية يديرها المهربون في مناطق نائية، وقد وثقت حملات أمنية وجودها في محافظات مثل لحج (مديرية طور الباحة) ولا تُعدّ هذه الأحواش مجرد أماكن لاحتجاز مؤقت، بل هي جزء أساسي من نموذج العمل الاقتصادي لشبكات الاتجار. يسمح الاحتجاز للمهربين بتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولاً، ممارسة الابتزاز المالي للحصول على فدية من الأسر، ثانياً، إجبار الضحايا على العمل القسري، وثالثاً، السيطرة الكاملة على حركة الأفراد قبل تهريبهم في النهاية إلى الحدود السعودية أو دول الخليج.  

ويواجه المهاجرون مخاطر إضافية أثناء عمليات المداهمة الأمنية. ففي محافظة لحج، وثقت مصادر أمنية استخدام المهربين للمهاجرين كدروع بشرية عند مواجهة الحملات العسكرية، مما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوف المهاجرين أثناء الاشتباكات.

بالإضافة إلى الاحتجاز، يواجه المهاجرون تحديات لوجستية جسيمة، حيث يضطر الوافدون حديثاً إلى السير لمسافات طويلة، تصل إلى 50 كيلومتراً للوصول إلى مراكز حضرية مثل عدن  بعد هبوطهم على الشواطئ. هذا التنقل القسري على الأقدام في مناطق غير آمنة يجعلهم أهدافاً سهلة لشبكات الاختطاف والاحتجاز القسري قبل وصولهم إلى أي نقطة إيواء أو حماية نظامية.  

المستفيدون من الأزمة: اقتصاد النزاع والهجرة

إن استمرار تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى اليمن يخلق "اقتصاد ظل" مربحاً للغاية، تستفيد منه عدة أطراف غير حكومية، مما يؤدي إلى تعميق حالة عدم الاستقرار وتفاقم التحديات الإنسانية.

الجهات المستفيدة غير الحكومية

تُعدّ شبكات التهريب المحلية والدولية المستفيد الأول والمباشر من الأرباح المالية الطائلة الناتجة عن رسوم التهريب والفدية. لكن، في بيئة النزاع اليمني، يتسع نطاق المستفيدين ليشمل الجماعات المسلحة المتنافسة التي تسيطر على طرق العبور البرية والبحرية.  

تستفيد هذه الجماعات، سواء كانت جماعة الحوثي في الشمال أو المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة له في الجنوب ، بشكل غير مباشر أو مباشر من خلال فرض رسوم عبور غير نظامية أو السيطرة على جزء من عمليات التهريب. تشير التقارير إلى أن السيطرة على هذه الطرق المربحة هي في حد ذاتها مصدر صراع. على سبيل المثال، قد تعكس الحملات الأمنية التي تستهدف "الأحواش" (كما حدث في طور الباحة بلحج) ، صراعاً على النفوذ والسيطرة على خطوط التهريب المربحة بين الأطراف المتنازعة، بدلاً من أن تكون دوافعها إنسانية بحتة. طالما بقيت الهجرة مصدراً للربح، ستظل الأطراف المتصارعة مستعدة للقتال للسيطرة على هذا "الاقتصاد السياسي للهجرة في زمن الحرب".  

كما أن وجود أعداد كبيرة من المهاجرين قد يخلق تحديات سياسية للسلطات في تلك المناطق، ويمكن لبعض الجماعات المسلحة أن تستغل هذا الوضع لأغراض سياسية أو أمنية، مما يزيد من تعقيد المشهد الداخلي المتشظي.

التأثير المزدوج على المجتمع اليمني المضيف

في الوقت الذي يستفيد فيه المهربون من هذه التدفقات، يتأثر المجتمع اليمني المضيف، الذي يعاني أصلاً من أزمة إنسانية واقتصادية طاحنة، بشكل سلبي من تزايد أعداد الوافدين.

يؤدي تزايد عدد السكان (من مهاجرين ونازحين داخلياً) إلى منافسة شديدة على فرص العمل المحدودة، مما يزيد من معدلات البطالة بين النازحين والسكان الأصليين على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، يضع وجود أعداد كبيرة من المهاجرين ضغطاً هائلاً على الموارد المحدودة والبنية التحتية المدمرة في اليمن، خاصة في ظل ضعف قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية. ويزيد هذا الوضع من حدة التوترات الاجتماعية، حيث قد يؤدي تزايد الهجرة غير النظامية إلى تفاقم حالة انعدام الاستقرار الأمني الداخلي في مناطق النزوح.  

علاوة على التحديات الداخلية، تؤثر الهجرة غير النظامية أيضاً على العلاقات الخارجية لليمن، لا سيما مع دول الجوار التي تمثل الوجهة النهائية للمهاجرين. حيث يمكن لسياسات الهجرة المتبعة في دول الخليج أن تؤثر على العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي مع اليمن.  

إدارة الوجود: الانقسام والتدخل الإنساني

تُدار أزمة وجود المهاجرين في اليمن في ظل غياب سلطة مركزية فعالة، وتعتمد بشكل شبه كلي على جهود المنظمات الدولية، مما يفرض تحديات كبيرة في التنسيق وتأمين الحماية.  

إدارة المنظمات الدولية (IOM/UNHCR)

تضطلع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) بالدور الرئيسي في الاستجابة، حيث تلتزم بتلبية الاحتياجات الأساسية للمهاجرين والنازحين داخلياً والمجتمعات المستضيفة. وتستخدم المنظمة آليات مثل مصفوفة تتبع النزوح (DTM) ورسم خرائط المهاجرين في المواقع الاستراتيجية لجمع المعلومات عن خصائصهم وطرق هجرتهم ومواطن ضعفهم، وذلك بهدف الوصول إلى فهم أفضل للهجرة.  

ويتمثل الدعم الحيوي المقدم في توفير المأوى (سواء نقدياً أو عينياً)، وتوزيع المساعدات الغذائية، وتقديم الدعم المالي. وتشير البيانات إلى أن الحاجات الأكبر التي يتم الإبلاغ عنها بين الأسر النازحة والمهاجرة هي المساعدات الغذائية (39%) والدعم المالي (30%) والمأوى (23%). كما تشرف المنظمة على برامج العودة الطوعية للمهاجرين، ومن الأمثلة على ذلك رحلات العودة التي نظمت لمهاجرين إثيوبيين من مأرب اليمنية إلى أديس أبابا.  

تواجه المنظمات تحدياً في سد الفراغ الحكومي الشاسع. ففي الوقت الذي تسعى فيه منظمة الهجرة الدولية لـ "بناء قدرات السلطات المحلية" لضمان استدامة الخدمات ، يظل هذا الهدف صعب التحقيق للغاية بسبب الانقسام السياسي الحاد بين سلطات جماعة انصارالله (الحوثيين) في الشمال والسلطات التابعة لمجلس القيادة الرئاسي في الجنوب. ويؤدي وصول المهاجرين إلى مناطق تسيطر عليها أطراف مختلفة، مثل مأرب وصعدة ، إلى تعقيد وصول المساعدات وعمليات الرقابة على انتهاكات حقوق الإنسان.  

المراكز النظامية مقابل الاحتجاز غير المعترف به

يتميز المشهد في اليمن بغياب شبه كامل للمخيمات الكبرى المخصصة حصراً للمهاجرين الأفارقة تحت إشراف المنظمات الدولية، على عكس مخيمات النازحين داخلياً أو اللاجئين التقليديين.

وفي تأكيد على صعوبة إيجاد مراكز نظامية، نفت المنظمة الدولية للهجرة صلتها بتأسيس مخيم للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين في محافظة إب (الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، وهذا النفي يعكس وجود خطر حقيقي من أن السلطات المحلية غير المعترف بها تحاول إنشاء مراكز إيواء أو احتجاز خاصة بها خارج المعايير الأممية، ويمثل هذا التطور مخاطر ما يُسمى بـ "المخيمات المظللة"، حيث يتم تعريض المهاجرين لمزيد من الانتهاكات تحت غطاء "الإدارة المحلية"، مما يجعل مسألة المساءلة أكثر صعوبة.  

وبدلاً من المراكز النظامية، يقع المهاجرون في مراكز احتجاز غير رسمية، هي في الواقع سجون يديرها المهربون ("الأحواش") في مناطق مثل لحج. وقد أعلنت السلطات في تلك المناطق عن إجراءات صارمة ضد المهربين، بما في ذلك مصادرة وسائل التهريب، وتتواصل الحملات الأمنية لمحاولة تفكيك هذه الشبكات الإجرامية.  

الاستجابة الإنسانية: تحديات التمويل والحماية

على الرغم من الجهود الكبيرة للمنظمات الدولية لمساعدة المهاجرين في اليمن، فإن الاستجابة تعاني من نقص تمويل مزمن ومقلق يهدد حياة ملايين المحتاجين، بمن فيهم المهاجرون.

النقص الحاد والمزمن في التمويل

يشهد اليمن أكبر انخفاض سنوي لأي خطة استجابة إنسانية تنسقها الأمم المتحدة على مستوى العالم. وقد أجبر هذا النقص الحاد وكالات المعونة، مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP)، على خفض حصص الإعاشة لملايين الأشخاص في اليمن، حيث حدث خفضان كبيران في ستة أشهر فقط، ويؤثر هذا التقليص في المساعدات الأساسية بشكل مباشر على المهاجرين الذين يعتمدون على شبكة الأمان الإنسانية هذه، مما يزيد من تعرضهم للاستغلال.  

بالنسبة لخطط الاستجابة المخصصة للمهاجرين، يلاحظ تذبذب كبير في التمويل. فبينما وصل التمويل المحقق لخطة 2022 إلى نسبة قوية نسبياً بلغت 93.3%، بينما كان تمويل خطة 2021 أقل بكثير بنسبة 53.9%. هذا التذبذب في اهتمام المانحين لم يتناسب مع حجم الأزمة. وفي عام 2024، ظلت الحاجة قائمة وكبيرة، حيث تم استهداف حوالي 900 ألف شخص بالحماية والمساعدة.  

 التحدي الجوهري يكمن في الترابط الهيكلي بين التمويل العام وتمويل خطط المهاجرين. حتى عندما يتم تمويل خطة الاستجابة للمهاجرين بشكل جيد (على سبيل المثال، 93.3% في 2022)، فإن الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها هؤلاء المهاجرون (مثل الغذاء من برنامج الأغذية العالمي) قد يتم تقليصها بسبب النقص في خطة الاستجابة الإنسانية العامة في اليمن. وهذا يفسر لماذا تضطر المنظمات باستمرار إلى إطلاق نداءات تمويل ضخمة ومكررة (مثل 67 مليون دولار و 84 مليون دولار) ، لتلبية الاحتياجات الهائلة التي تشمل 2 مليون فرد محتاج للدعم.  

الخاتمة
تكشف الهجرة الأفريقية إلى اليمن عن أزمة مركبة تتداخل فيها الأبعاد الإنسانية والاقتصادية والأمنية، حيث أصبحت اليمن محوراً رئيسياً في حركة الهجرة غير النظامية عبر البحر الأحمر. يشكل هذا المسار أحد أكثر الطرق ازدحاماً وخطورة، ويعكس في الوقت ذاته ضعف إدارة الحدود وتنامي نفوذ شبكات التهريب والاتجار بالبشر التي حوّلت الهجرة إلى نشاط ربحي منظم.

تُظهر البيانات أن هذا الطريق تحوّل إلى منظومة اقتصادية موازية مرتبطة بتمويل النزاع وتغذية مصالح الأطراف المتحكمة بالممرات البرية والبحرية. وتؤكد الأوضاع الميدانية أن استمرار تدفق المهاجرين وتوسع عمليات الاستغلال مرتبطان بغياب سلطة مركزية فعالة وبالطلب المتزايد على العمالة غير النظامية في دول الجوار.

تحتاج معالجة الظاهرة إلى تدخل منسق يربط الأمن الإقليمي بالاستجابة الإنسانية والتنمية الاقتصادية، مع بناء إطار وطني لإدارة الهجرة يقوم على حماية المهاجرين وتفكيك شبكات التهريب. إن إعادة ضبط هذا المسار تتطلب رؤية استراتيجية تعيد الاعتبار للإنسان وتضع حداً لاستخدام الهجرة كأداة للربح والنفوذ في زمن الحرب.

شارك الخبر: