خاص | النقار
مات علي عنبة في مصر. فالبلاد التي أنجبته لم تتسع لبضع درجات يصل بها إلى بيته، حيث القضاء الصارم في صنعاء يتصدى لكل من يحاول المساس بالقانون.
علي عنبة يحرم من بناء درج لبيته لأن في ذلك تعديا على القانون وانتهاكا لحرمة الزقاق، بينما أدنى مسلح يسطو على شوارع بأكملها ولا أحد يسأله ماذا بشأن الدرج.
خمس سنوات في محاكم صنعاء خسر خلالها ماله ووقته وجهده، وهو يسعى عبثا وراء عدالة أن يحصل على درج لبيته.
بضع درجات فقط يا صنعاء، ليست لبنات ولا معادات ولا مربعات، فتلك هي دائما لحمران العيون. أما علي عنبة فيريد منك درجات فقط يصعد بها إلى بيته المنزوي في ركن مطمور وزقاق منسي من أربعة بيوت.
خمس سنوات راكم فيها الورق أدوارا والحسرة درجا. صاح يا قضاء، يا سلطة، يا أنصار، يا سيد. فيرتد الصدى وجعا مطبقا. تنقل من محكمة لأخرى، ومن سنة لأخرى ولا يرى إلا مزيدا من العناء وغياب العدالة وفساد المنظومة القضائية.
تفاقم إحباطه حتى قرر مغادرة البلاد. ربما أنه وهو يحزم حسرته تذكر أغنيته الأولى:
خرجت نص الليل واني بالحرس والدورية
يا من عيفعل خير يروّيني طريق البونية
وفعلا كان الوقت: نصف ليل وحرسا ودورية. الفارق فقط هو أن طريق البونية هذه المرة سيصبح طريق القاهرة.
وهناك في مصر، بعيدا عن أهله ووطنه، مات علي عنبة.
ليس أحزن من أن يموت فنان بعيدا عن بلده، وحسرة وكمدا وألما على عدالة غائبة ووطن يحتضر.