خاص-النقار
الحدث جلل، بل مصيري، يستحق أن تقرع له الطبول وتُرفع له الرايات. فالعاصمة صنعاء، التي تغرق في المجاري والحفر وتعيش على إشارة مرور يتيمة بالأخضر والأصفر والأحمر، ستشهد اليوم أعظم إنجاز حضاري: مزاد علني لبيع الرقم المروري المميز "1-1 خصوصي".
وحتى لا يروح حسك بعيد أيها القارئ، فقد أشارت إدارة شرطة المرور بصنعاء -في إعلانها- إلى "صدور توجيهات من قيادة وزارة الداخلية تقضي بتسخير قيمة الرقم في الأعمال الخيرية والإحسان للمجتمع".
هكذا قررت إدارة المرور أن تمنح الشعب فرصة ذهبية لاقتناء رقم ذهبي. وبحمد الله، تم بيع الرقم المروري الذهبي بمبلغ 150 مليون ريال فقط لا غير، أي ما يعادل ميزانية مستشفى حكومي لثلاث سنوات، أو رواتب ألف موظف لم تُصرف منذ زمن بعيد.
بحسب الناشط إسماعيل الأشقص فإن "الذي اشترى هذه بلا أدب والذي فعل لها مزاد وباعها بلا اخلاق، والذي اقترح المزاد والاعلان تافه، وفي هذه الظروف"، مضيفا: "الجميع فقدوا الشيمة والعقل والأخلاق".
الأمر وما فيه هو أن إدارة المرور تبتكر الأفكار من حين لآخر. فتارة تستحدث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة الخير والإحسان، وأخرى تخترع لأصحاب الباصات نظام الفردي والزوجي، وها هي ذي تدشن فكرة غير مسبوقة ببيع أرقام مرورية للسيارات عبر المزادات.
وليس هذا يعني أنها تريد أن تتربح من الأمر أو ما شابه. فحاشا لله أن يكون ذاك هو هدفها، وهي التي دأبت على ملء الشوارع بالملثمين المدججين تحت مسمى الضبط المروري يسلخون كل من يقع تحت أيديهم، وإنما هي تريد أن تجعل من المجتمع متفاعلا وحيويا وألا يركن إلى الركود فتتضخم الأموال في الجيوب ويحدث ما لا تحمد عقباه.
كما أن هذا النوع من المبادرات لا يعد سرقة، وكيف يعد كذلك والمبلغ سيؤول للأعمال الخيرية. فالجميع في سلطة صنعاء معني بأعمال الخير والإحسان للمجتمع، سؤاء من خلال الجمعيات والمؤسسات أو صناديق التبرعات او رسائل الـ"إس إم إس".
والآن هناك مدخل جديد من فكريات إدارة المرور ستمثل رافدا قويا لأعمال الخير والإحسان، فقط مع ضرورة شطب مفردة "المجتمع" من العبارة المرفقة في الإعلان المروري، وذلك حتى تتضح الصورة إلى أبعد حد.