• الساعة الآن 10:57 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

عن خطاب يتجاوز الضحايا ويستكثر عليهم حتى كلمة عزاء عابرة

news-details

خاص- النقار

لا يستحق من سقطوا كلمة عزاء لذويهم ولا ترحما على من قتل منهم أو دعاء بالشفاء لمن أصيب، بل ولا ذكرا للأمر من الأساس إلا من باب أن "الإسرائيلي عدو مجرم يستهدف في صنعاء مؤسسات إعلامية في أماكن هي مزدحمة بالمدنيين، لأنه يسعى إلى الاستهداف للجميع"، وبالتالي فإن "العدوان الإسرائيلي بالأمس لا يدل على أي إنجاز وهو إفلاس وإجرام وعدوان". 
هذا كل ما قاله زعيم جماعة أنصار الله بهذا الخصوص في خطاب اليوم الذي استمر لأكثر من ساعة. أكثر من ساعة للحديث عن "مظاهرات في 13 بلداً من أبرزها مظاهرة كبيرة في ‎بلجيكا وأخرى المكسيك" وعن "اعتقالات في بريطانيا شملت نحو ثلاثمائة متظاهر"، وعن وعن... ولا كلمة واحدة بحق أكثر من مائة وثمانين شخصا بين قتيل وجريح في الغارات العدوانية التي شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس في كل من صنعاء والجوف. 
الأمر نفسه مع الغارات السابقة التي استهدفت حكومة صنعاء وحصدت العشرات بين قتيل وجريح بينهم رئيس الوزراء وتسعة من أعضاء حكومته، لم يستحقوا هم أيضا أي عزاء من "سيد القول والفعل" يتقدم به إلى ذويهم، أو حتى أن يأتي على ذكر اسم أحمد الرهوي من باب أنه رئيس حكومة في سلطة جماعته، فقط جاء ذكر الحادثة من باب أن "العدو الإسرائيلي بارتكابه جريمة استهداف رئيس الوزراء ورفاقه هو يبين إفلاسه ويضاعف من رصيده الإجرامي"، وبالتالي "استهداف العدو الإسرائيلي لرئيس الوزراء ورفاقه من الشهداء العاملين في الوزارات المدنية لا يمثل أي إنجاز عسكري ولا أمني للعدو الإسرائيلي". 
لا يمكن تصور أن شخصا يعتبر نفسه زعيما دينيا أو سياسيا، وفي خطاب أسبوعي له وأمام جرائم عدوانية يسقط فيها العشرات وربما المئات ممن هم في حكم البشر هم ايضا ولديهم أسر وعائلات وأطفال من حقهم أن يسمعوا كلمة عزاء ومواساة في مصابهم، يطل على "شعبه العزيز" من  ولا يكلف نفسه أن يضع اعتبارا لأولئك المكلومين بفقد أحبتهم، في الوقت الذي هو مستعد لأن يتحدث عن أي شيء فيبخل عليهم بأن يقول في حق أولئك كلمة عزاء. لا يمكن أخلاقيا أن يحدث ذلك إلا في حالتين: إما أن ذلك الزعيم لا يأبه لمن سقط ولا يعتبرهم شيئا مذكورا، وإما أنه مغيب مستلب يتم تلقينه الاسطوانة ذاتها ليكررها كل خميس مع بعض الاختلافات التي يقتضيها الظرف الزمني لا أكثر. 
لكن أن نجد فقرة من خطابه يقول فيها "نحمد الله أن العملية فشلت ونهنئ إخوتنا في حركة حماس بفشل هذا العدوان الإسرائيلي"، ولا نجد فقرة ولو صغيرة من مثل "نتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى ذوي الشهداء الذين..."، فعلا لا يمكن لذلك أن يجعل المرء إلا أن يقف مصعوقا بكل ما للكلمة من معنى. 
لا يتوقف الأمر عند ذاك فحسب، بل تصل سخرية القدر باليمنيين إلى الحد الذي يمكن أن يسمعوا مثل هذه الفقرة من خطاب "سيد القول والفعل" والتي تقول: "وصلتنا دعوة من كتائب القسام تدعو أبناء أمتنا إلى التضرع إلى الله تعالى أن يكشف الكرب عن إخوانهم في غزة بركعتين خاشعتين في جوف الليل ثم بالفرج لأهل غزة مساء اليوم في ليلة الجمعة"، دون أن ينسى القول على إثرها مباشرة: "ندعو إلى الاهتمام بدعوة كتائب القسام والاستجابة لها على نطاق واسع". حقا إنها السخرية التي ليس بعدها ولا قبلها، لكن ليس من القدر وإنما من جماعة لا ترى في الشعب سوى قطيع تقوده إلى الجبهات والساحات أو تتركه يُقتل دون اكتراث.

شارك الخبر: