خاص-النقار
ريف العدين بمحافظة إب، لا يمر اسم “علي دبوان” مرور الكرام. فهو ليس مجرد رجل طيب يفترش الأرض بجوار منزله البسيط ليعد وجبة الزلابيا، بل هو ذاكرة جمعية عابرة للأجيال. فمن بين يديه أكل الجد، وشبع الأب، وتعلّق الطفل بطعم لا يشبه سواه. لم يكن الرجل مجرد بائع، بل جزء من هوية المكان، أحد أعمدته الاجتماعية البسيطة، ومثال نادر على الإخلاص والكفاح بصمت.
لعقود طويلة، ظل العم علي دبوان يعمل في صمت، لا يسعى وراء الشهرة، لكنها لحقت به، إذ لا يذكر أحد اسم الزلابيا في العدين إلا واقترن به. رجل قليل الكلام، كثير العمل، يحبه الناس ويحترمونه لكنه اليوم، ليس بخير.
حادثة مأساوية هزّت قلوب أبناء إب، شخص يدعى أحمد الحلواني الطاهري، يعمل في الجانب الأمني التابع لأنصار الله في مديرية العدين، أقدم بحسب الشهادات المتطابقة على سكب الزيت الحار على جسد العم دبوان، إما لأنه تأخر في تقديم الطلب، أو – كما قال البعض – لأنه رفض إعطاءه الزلابيا مجانا. السبب قد يختلف، لكن النتيجة واحدة: حروق خطيرة في جسد شيخ طاعن في السن، وجرح عميق في كرامة الناس أجمعين.
لم تكن هذه الحادثة معزولة، بل هي انعكاس لحالة ممنهجة من العربدة، تمارسها بعض العناصر الأمنية المنتمية لحركة أنصار الله ضد أبناء مديرية العدين، التي بات أهلها يشعرون وكأنهم غرباء في أرضهم. واقع مرير يتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يُعيّن الغرباء القادمون من بعيد في المناصب الأمنية والإدارية، بينما يُقصى أبناء المديرية، ويُحتقرون بسبب حسابات طبقية أو ببساطة بسبب بعدهم عن مركز الحكم والامتيازات.
الكثير من أبناء محافظة إب، ناشدوا الجميع بالوقوف إلى جانب العم علي وأسرته، لا فقط من باب الإنصاف الإنساني، بل من أجل وضع حد لانتهاكات لا يجب أن تُغتفر.