• الساعة الآن 03:51 PM
  • 26℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

هل تنوي إسرائيل احتلال غزة؟

news-details

 

تتعزز فرضية احتلال إسرائيلي دائم لقطاع غزة يوما بعد يوم، خاصة مع حديث وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في 16 نيسان/أبريل عن وجود عسكري إسرائيلي دائم في بعض مناطق القطاع بينما تواصل إسرائيل إحكام سيطرتها على الجيب الفلسطيني.

الجيش "سيبقى في منطقة أمنية عازلة بين العدو والمدن (الإسرائيلية) كما هو الحال في لبنان وسوريا" وفق تأكيد كاتس الذي شدد على أنه لن تدخل "أية مساعدات إنسانية إلى غزة"، وهي التي أوقفت إسرائيل إدخالها أصلا منذ 2 آذار/مارس الماضي.

في كانون الأول/ديسمبر الفائت، دعا كاتس إلى "سيطرة أمنية كاملة" لإسرائيل على غزة "بعد التخلص من القوة العسكرية والإدارية لحماس".

 

"انعدام استقرار مطول"

"فكرة أن الجيش الإسرائيلي لم يغادر المناطق التي سيطر عليها تشير إلى قطيعة مع السياسات السابقة" وفق توفيق هامل المؤرخ العسكري الخبير في تاريخ الجيش الإسرائيلي. "إلا أن تداعيات وجود عسكري إسرائيلي دائم كثيرة ومثيرة للقلق. ويمكن أن تؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني، السيئ أصلا وانعدام استقرار مطول في المنطقة".

منذ إنهاء الهدنة مع حماس في ليلة 17 و18 آذار/مارس الماضي، كثف الجيش الإسرائيلي وجوده العسكري في القطاع. في 13 نيسان/أبريل الجاري، أعلنت الدولة العبرية تأمر عن تأسيس محور جديد في جنوب القطاع يسمى "محور موراغ" في إشارة إلى مستوطنة تم إخلاؤها في 2005. ويعزل تماما هذا المحور مدينة رفح القريبة من الحدود المصرية. في وسط القطاع، استعاد الجيش أيضا السيطرة على محور نتساريم ما تسبب في فصل مدينة غزة عن باقي القطاع.

 يضاف إلى هذا التقطيع الجغرافي للقطاع إلى مناطق صغيرة إنشاء حزام عازل بين القطاع والحدود الإسرائيلية. وبعد أن كان عمقها في حدود 300 متر قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، بات اليوم يصل إلى كيلومتر واحد في المتوسط، ما أدى إلى إنشاء منطقة خالية من السكان في القطاع الفلسطيني الصغير.

 

أوامر إخلاء

في تقرير نشر يوم 7 نيسان/أبريل الجاري بعنوان "النطاق"، أشارت منظمة Breaking the Silence (كسر الصمت) غير الحكومية الإسرائيلية إلى أن هذه المنطقة العازلة تشمل الآن نحو 15 بالمئة من مساحة القطاع وقضمت 35 بالمئة من الأراضي الزارعية.

وأشارت المنظمة إلى أن هذه المنطقة الممنوعة تماما على الفلسطينيين باتت أشبه بـ"منطقة موت" وأضافت أن "الجنود تلقوا أمرا بتحييد مباشر ومنهجي لكل من يوجد في هذه المنطقة".

إضافة إلى هذه المناطق الواسعة التي لم تعد صالحة للسكن، تواصل إسرائيل إصدار أوامر إخلاء باستمرار في القطاع الذي يعيش سكانه أصلا في انعدام تام للأمن. ووفق المكتب الأممي للتنسيق حول الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن 66 بالمئة من القطاع "تحول إلى مناطق ممنوعة أو صدرت بشأنها أوامر إخلاء أو الأمران معا".

وبينما يعد قطاع غزة المنطقة الأكثر كثافة إنسانية في العالم، تقلصت المنطقة القابلة للسكن بشكل كبير فيما مسحت العمليات الإسرائيلية ثلاثة أرباع البنية التحتية من الخريطة.

"نتابع عملية مستمرة للتدمير والتهجير القسري لكل سكان غزة" وفق تصريح أماند بازرول منسقة الطوارئ بالقطاع في منظمة أطباء بلا حدود التي تضيف أن الإغاثة الإنسانية "تعطلت بشكل كبير بسبب انعدام الأمن المستمر والنقص الحاد في المواد الأساسية". ووفق الأمم المتحدة، اضطر 500 ألف فلسطيني للنزوح في أقل من شهر.

رسميا، تهدف استراتيجية تقطيع أوصال الجيب الفلسطيني إلى الضغط على حماس لتوقيع اتفق هدنة جديد يشمل إطلاق سراح آخر الرهائن المحتجزين لديها ونزع سلاحها دون أن تكون إسرائيل ملزمة بوقف عمليتها العسكرية.

ميدانيا، لا تواجه القوات الإسرائيلية تقريبا أية مقاومة في مؤشر إلى أن "حماس قد تكون بصدد الانكفاء أو إعادة تنظيم صفوفها أو تغيير طريقة ردها على الضغط" وفق تقدير توفيق هامل.

 ويخلص توفيق هامل إلى القول "يمكن أيضا أن يكون الجيش الإسرائيلي في مرحلة استعداد أو تعزيز مواقعه قبل أن يواجه مقاومة أكبر. ونقص المقاومة الحالي لا يضمن انتصارا سريعا أو عدة حدوث اشتباكات في المستقبل".

 

احتلال مطول "غير مؤكد"

وفق وكالة أسوشيتد برس، تسيطر إسرائيل الآن على نصف قطاع غزة. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي تحويل 30 بالمئة من مساحة القطاع إلى "منطقة أمنية". وهي عملية احتلال قد تعني سيطرة مطولة للدولة العبرية على المنطقة بينما لا يخفي اليمين المتطرف الإسرائيلي رغبته في إعادة احتلال القطاع منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وفق صحيفة فاينانشال تايمز، اقترح الجيش الإسرائيلي خطة لإدارة القطاع في إطار احتلال طويل الأمد. ويتمثل هذا المخطط في في حشر مليوني ساكن في غزة في مخيمات على الشواطئ بما يتيح إفراغ المراكز العمرانية والحد من تعرض الجنود الإسرائيلي لهجمات دامية. فيما يتولى الجيش الإسرائيلي أو منظمات غير حكومية إدارة المساعدات الإنسانية حتى لا تستحوذ عليها حماس.

"على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يملك الموارد والتكنولوجيا المطلوبة لاحتلال غزة، إلا أن ذلك يتطلب وجود جنود على الأرض وهو ما سيكون أمرا مكلفا على المستوى البشري والمادي" وفق قراءة توفيق هامل الذي يضيف "فرضية الاحتلال المطول تبقى إذن غير مؤكدة، والسيناريو الأقرب هو وجود عسكري في مناطق استراتيجية لضمان أمن إسرائيل".

ويمكن أن يصطدم مخطط الصقور الإسرائيليين برفض جنود الاحتياط الذين تحدث كثير منهم مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام عن رفضهم لهذه الفكرة. عدد كبير منهم أعربوا عن شعورهم بالإنهاك من مئات الأيام من التجنيد خلال العام والنصف المنقضي. فيما يندد آخرون بعدم جدوى الخيار العسكري "مهما كان الثمن" الذي يتبناه نتانياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف.

وبالفعل، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغطا متزايدا أمام الرأي العام. ويشير استطلاع آراء أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية نقلته صحيفة لوموند إلى أن 68 بالمئة من الإسرائيليين يعطون الأولوية لعودة الرهائن على تدمير حماس، مقابل 62 بالمئة في أيلول/سبتمبر الماضي.

في النهاية، فإن الأمر الغامض يتعلق بموقف إدارة ترامب. وبما أنه يتبنى الحلول السريعة، من المحتمل أن ينفد صبر الرئيس الأمريكي أمام نزاع يضر بعلاقاته مع الدول العربية مثل مصر والسعودية، التي تملك دورا حيويا في استقرار المنطقة والصراع مع إيران.

شارك الخبر: