فيصل أبوراس
في تلك الأيام الخالدة من تاريخ اليمن، تداعت القبائل اليمنية شمالًا وجنوبًا، ولبّت نداء الوطن الواحد لتخليصه من ربقتين اثنتين: حكم الإمامة الكهنوتي في الشمال، والاستعمار البريطاني في الجنوب.
توحّد الدم والهمّ، فاستجابت القبيلة الجنوبية لنداء إخوتها في الشمال، وساهمت في معركة الخلاص من الظلم الإمامي والاستبداد الملكي الكهنوتي، حتى أشرقت شمس سبتمبر المجيد فأنارت درب الحرية لكل اليمنيين.
ولم تمضِ إلاّ أعوام قليلة حتى لبّت القبيلة في الشمال نداء الجنوب، فمدّته بالمال والسلاح واحتضنته في معسكراتها للتدريب، لتستكمل الثورة طريقها ضد المستعمر الأجنبي، حتى أزهر نصر أكتوبر العظيم، فكان التحرر من الاستعمار ثمرة لوحدة الإرادة اليمنية شمالًا وجنوبًا.
كانت قبائل اليمن، من أقصاها إلى أقصاها، نسيجًا واحدًا وروحًا واحدة، يتبادل فيها الأحرار المواقف والوفاء.
وكانت أسرة أبو راس مثالًا لذلك الترابط الوطني والقبلي المتين؛ إذ جمعتها علاقات وثيقة بالثوار في الجنوب، وتكاتفت معهم حتى تحقق التحرر من الكهنوت والاستعمار معًا.
ومن رسائل الوفاء التاريخية، ما بعثت به قبائل العوالق والصبيحة ولحج، ممثلة في الأحرار: علي أبو بكر بن فريد، مهدي عثمان، وعبدالله محمد الشمعي العولقي السفلي، إلى الشيخ المجاهد أمين بن حسن أبو راس شيخ مشايخ بكيل، جاء فيها:
«الفاضل البطل المغوار الشيخ أمين بن حسن أبو راس، شيخ مشايخ بكيل، هذا خطابنا إليكم كرؤساء صنعوا التاريخ المجيد. لن نصف بطولاتكم فذلك حق التاريخ، وقد وقفتم طيلة ثلاث سنوات كالجبال فوق الجبال لتحموا الجمهورية العربية اليمنية. عشتم الحرب لأنكم للحرب تُنسبون، ومادام أمركم كذلك فليقيننا أنكم – لقبائل الجنوب – فخر ومثال يُحتذى.»
وهكذا سطّر اليمنيون شمالًا وجنوبًا ملحمة الوفاء والتلاحم، وأثبتوا أن القبيلة اليمنية كانت ولا تزال حصن الوطن وسنده، لا تهزمها المسافات ولا تفرّقها الرايات.
ومن ذلك السفر المضيء نستمد العزم اليوم، لنجدد العهد على حماية الجمهورية، وصون السيادة، وتحصين مستقبل الأجيال بروح سبتمبر وأكتوبر الخالدة.