• الساعة الآن 08:46 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

نايف القانص يكتب: ‏التسوية في اليمن

news-details

 

نايف القانص

بعد كل ما شهدته اليمن من معاناة وتمزق وتشريد، آن الأوان لوقفة صادقة مع الذات، ومراجعة شاملة للمسار، والاعتراف بالأخطاء، وتقديم التنازلات من أجل الوطن قبل أي مصالح أخرى.

ألم يحن الوقت للمكوّنات السياسية والطائفية، والشخصيات النافذة، وكل من استفاد من الحرب، أن يدركوا حجم الكارثة التي خلّفوها؟ لقد حصد البعض الأموال والنفوذ، لكن النتيجة العامة كانت فقرًا مدقعًا، ودمارًا واسعًا، وتمزقًا للنسيج الاجتماعي والجغرافيا اليمنية. ومن المسؤولية الوطنية أن يراجع هؤلاء أنفسهم، ويعودوا إلى رشدهم، ويسهموا في حقن الدماء من خلال الانخراط في تسوية سياسية شاملة.

إن الطريق إلى الحل يبدأ بمرحلة انتقالية تُدار من قبل نخبة وطنية نزيهة، لم تتورط في الفساد أو تساهم في تدمير الدولة. ويمكن أن يُشكَّل مجلس عسكري وطني يعمل على توحيد القوى والمليشيات، وتحويلها إلى جيش وطني رسمي، مع تسليم السلاح للدولة، وبناء مؤسسة عسكرية مهنية جامعة.

كما ينبغي التوافق على صيغة اتحادية للدولة، من إقليمين أو أكثر، بما يضمن العدالة والشراكة، ويفتح المجال أمام جيل جديد من الشباب لتولي المسؤولية، بعد أن فشلت النخب التقليدية التي كانت جزءًا من الدولة العميقة، ثم نصّبت نفسها معارضة بعد الانهيار لتقدّم ذاتها كمنقذ، رغم أنها كانت سبب الفشل الأول، والانهيار الأخير، وما ترتب عليه من إحباط عام وشعور بالعتمة لدى أبناء الشعب.

إن التسوية النهائية ليست ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية لإنقاذ ما تبقى، والانطلاق نحو مستقبل يعيد لليمن مكانته ودوره ووحدته الإنسانية والجغرافية.

شارك المقال: