• الساعة الآن 10:08 PM
  • 22℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

3 خيارات أمام دول الخليج للرد على هجوم إسرائيل على قطر

news-details

 لعقود، صوّرَت دول الخليج العربية الغنية نفسها كواحات استقرار في منطقة غارقة في الصراعات، فبنت عواصم لامعة باقتصادات سريعة النمو مدعومة بملايين العمال الأجانب الذين اجتذبتهم الفرص الاقتصادية ونمط حياة معفى من الضرائب.

ولكن هذا العام، تبددت آمالهم عندما شنّت قوتان إقليميتان ضربة مباشرة على دولة خليجية لأول مرة. أولًا، استهدفت إيران قاعدة جوية أمريكية في قطر في يونيو/ حزيران بعد أن ضربت الولايات المتحدة منشآتها النووية، ثم جاء الهجوم الإسرائيلي هذا الأسبوع، مستهدفًا القيادة السياسية لحماس في الدوحة.

ودول الخليج العربية متوترة مع اقتراب حرب غزة، التي بدأت على بُعد آلاف الأميال من حدودها قبل عامين تقريبًا، من ديارها.

ومع ندرة الخيارات العسكرية المتاحة للرد، تعهدت قطر برد إقليمي "جماعي" على الضربات الإسرائيلية، وصرح رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لشبكة CNN، الأربعاء، بأن هذا الرد "قيد التشاور والمناقشة" حاليًا مع شركاء آخرين، ومن المتوقع اتخاذ قرار في القمة العربية والإسلامية التي تُعقد في الدوحة نهاية هذا الأسبوع.

ولعلّ رد الفعل الأبرز والأكثر مباشرة جاء من الدولة الخليجية الأقرب علاقاتًا بإسرائيل: الإمارات العربية المتحدة، إذ وصل رئيس الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، إلى الدوحة برفقة وفد كبير بعد أقل من 24 ساعة من الهجوم، وكانت قطر محطته الأولى في جولة خليجية لتنسيق الرد على الهجوم، شملت أيضًا البحرين وعُمان. والجمعة، استدعت الإمارات دبلوماسيًا إسرائيليًا للتنديد بما وصفته بالهجوم الإسرائيلي "السافر والجبان".

وقال محللون إقليميون لشبكة CNN إن دول الخليج العربية ستدرس على الأرجح خيارات تُظهر وحدتها الإقليمية وتمنع المزيد من الضربات الإسرائيلية، لكنها قد تُقيّدها خيارات محدودة قابلة للتطبيق، إذ قال أستاذ التاريخ المساعد بجامعة الكويت، بدر السيف، في إشارة إلى دول الخليج: "علينا اتخاذ موقف الآن، لأنه إن لم نفعل، فستكون العواصم الخليجية الأخرى هي التالية".

 

الخيارات الدبلوماسية

يقول المحللون إن أحد الخيارات قد يشمل تخفيض الإمارات لعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل أو تقليص مشاركتها في اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقية تطبيع بين إسرائيل وثلاث دول عربية أصبحت أكبر إنجاز للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى.

وكانت الإمارات العربية المتحدة تُعرب عن استيائها من إسرائيل حتى قبل الهجوم على الدوحة. هذا الأسبوع، حذّرت لانا نسيبة، المسؤولة الإماراتية البارزة، من أن الخطط الإسرائيلية المُعلنة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ستكون "خطًا أحمر" و"تنتهك روح اتفاقيات إبراهيم".

وقال رئيس الوزراء القطري إن جزءًا من رد الدوحة سيكون في المجال القانوني، بما في ذلك من خلال القانون الدولي. ويوم الخميس، نجحت قطر في الضغط من أجل إصدار بيان بالإجماع في مجلس الأمن الدولي يُدين الهجوم الإسرائيلي.

وقال الباحث البارز في سياسات الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، حسن الحسن، إن دول الخليج لم تشارك سابقًا بشكل ملحوظ في الدعاوى المرفوعة ضد إسرائيل في المحاكم الدولية، وإن هذا الوضع قد يتغير.

وأضاف: "لم تلعب دول الخليج حتى الآن دورًا رئيسيًا في دعم هذه الجهود، سياسيًا أو ماليًا. ويمكن لدول الخليج أن تقرر بشكل جماعي الانضمام إلى هذه القضايا".

ويقول محللون إن خيارًا آخر يتمثل في انسحاب قطر من دورها كوسيط بين الولايات المتحدة وبعض خصومها.

 

أمن أخوي

شهدت دول الخليج خلافات داخلية كبيرة على مر السنين، لكنها لا تزال ملتزمة بمعاهدات الدفاع المشترك الموقعة منذ عقود.

وصرح رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره السعودية، عبدالعزيز صقر، بأن دول الخليج العربية قد تلجأ إلى تفعيل وتوسيع "قوة درع الجزيرة" - وهي اتفاقية عسكرية تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي تهدف إلى ردع الهجمات على دولها.

وأضاف الحسن: "كانت هذه البنود حتى الآن نظرية، لكن الآن يُمكن تفعيلها، من خلال إنشاء قيادة خليجية موحدة، ودمج نظام دفاع جوي وصاروخي، وبناء قدرة مبتكرة وأكثر استقلالية".

وتعتمد معظم دول الخليج السبع على المعدات العسكرية الأمريكية وتستضيف قواعد أمريكية، لكن ما يُلاحظ مؤخرًا من إخفاقات أمريكية في الدفاع عن أراضيها قد يدفع الدول العربية إلى تنويع قدراتها الدفاعية أو المطالبة بضمانات أمنية أمريكية أقوى.

وتابع صقر أن الهجوم الإسرائيلي قد يدفع منطقة الخليج إلى "الدخول في حوار جاد ومنظم" مع إدارة ترامب بشأن شروط شراكتهما الأمنية، وإلى "تجاوز" مجرد شراء الأسلحة من الولايات المتحدة "نحو ضمانات دفاعية أوضح". وقد يشمل ذلك المساءلة عندما "تبدو الالتزامات الأمريكية غائبة أو غامضة".

ومع ذلك، قد تُقيّد المصالح المحلية المتضاربة بين دول الخليج، التي لا تزال حذرة من تعريض علاقتها بالولايات المتحدة للخطر في ظل إدارة ترامب، الداعم الأكبر لإسرائيل.

ومضى الحسن قائلا: "تُدرك دول الخليج الآن أنها ليست مُجهّزة تجهيزًا جيدًا لمواجهة التهديد الذي تُشكّله إسرائيل، لأن أمنها القومي يعتمد على شراكتها الدفاعية مع الولايات المتحدة، التي لديها سياسة دفاعية خارجية صريحة تُعطي إسرائيل تفوقًا عسكريًا نوعيًا".

الرد الاقتصادي

تُستثمر تريليونات الدولارات من الإيرادات المُكتسبة سنويًا من صادرات النفط والغاز في المنطقة بشكل استراتيجي في أصول عالمية، مما يُعزز جزئيًا القوة الناعمة للمنطقة لضمان النفوذ في مراكز صنع القرار الرئيسية في العالم.

يمكن لدول الخليج، مثل قطر والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، استخدام صناديق ثرواتها السيادية الضخمة لفرض قيود تجارية على إسرائيل، إذ قال الحسن: "قد يقررون استخدام أموالهم لمقاطعة الشركات التي لها مصالح كبيرة في الاقتصاد الإسرائيلي".

وتعهدت السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر مجتمعةً باستثمار حوالي ثلاثة تريليونات دولار في الاقتصاد الأمريكي عندما زار ترامب المنطقة في أول رحلة خارجية له خلال ولايته الرئاسية الثانية، حيث أشار السيف إلى أن "هذه التريليونات التي تضخها دول الخليج في الولايات المتحدة خلال العقد المقبل مبنية على وجود منطقة خليجية آمنة ومستقرة يمكنها الاستفادة من هذه الاستثمارات أيضًا.. لكن إذا شعرنا بعدم الأمان، وهو ما يحدث بفضل حليف أمريكي مثل إسرائيل، فيمكن توجيه الأموال إلى مكان آخر، سواءً لتعزيز أمن الخليج أو تحقيق عوائد أفضل على استثماراتهم".

شارك الخبر: