• الساعة الآن 06:03 AM
  • 17℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

جماعة أنصارالله تفرض على الطالبات الصغار لبس الجلباب

news-details

في مشهد يُجسد أولويات مختلة ونمطًا سلطويًا متطرفًا، بدأت مدارس البنات في العاصمة صنعاء عامها الدراسي بإجراءات عقابية بحق طالبات الصفوف الأولى، لمجرد أنهن لم يرتدين “الجلباب”. هذا الإجراء الذي استُهل به العام الجديد يعكس ما يمكن وصفه بترسيخ قمع أخلاقي على حساب التعليم، وسط أزمة خانقة تعصف بالقطاع التربوي في مناطق سيطرة سلطة صنعاء.

وقالت مصادر تربوية مطلعة لشبكة “النقار” إن عددًا من المدارس، بينها “مدرسة مجاهد للبنات” في مديرية معين، ومدرسة نسيبة في شارع الرقاص،  وغيرها كثير فرضت على الطالبات في الصفوف الدراسية الأولى، ابتداءً من الصف الأول الابتدائي، الالتزام بارتداء الجلباب، مشيرة إلى أن الطفلات اللاتي يخالفن التوجيهات يتعرضن لعقوبات قاسية، تبدأ بإبقائهن واقفات تحت الشمس لساعات، وقد تصل إلى الحرمان من مواصلة الدراسة نهائيًا.

وأوضحت المصادر أن أعمار الفتيات المستهدفات بهذه الإجراءات تتراوح بين الخامسة والسابعة، وهو ما أثار موجة غضب واسعة لدى أولياء الأمور، الذين أكدوا أن العقوبات لا تليق لا بالتربية ولا بالتعليم، بل تُكرّس لعقلية تعسفية تتعامل مع الطفولة باعتبارها تهديدًا ينبغي ترويضه منذ الصغر.

ورغم عشرات الشكاوى التي وُجهت خلال الأيام الماضية إلى إدارة الجمهور بوزارة التربية والتعليم ضد عدد من مديرات المدارس، إلا أن الوزارة لم تتخذ أي إجراء، ما دفع كثيرًا من أولياء الأمور إلى الاعتقاد بأن الوزارة نفسها هي من أصدرت تلك التوجيهات، في سياق توجه عام يغلّب الشكليات الدينية على جوهر العملية التعليمية.

ويأتي هذا الانشغال بـ”الجلباب” في وقت تعاني فيه معظم المدارس في صنعاء من نقص حاد في الكادر التعليمي، بعد مغادرة آلاف المدرسين بسبب انقطاع الرواتب، وتزايد الاعتماد على متطوعين غير مؤهلين. كما أن الوزارة ذاتها لم تعد قادرة على توفير المناهج الدراسية، ولا حتى تنظيم العملية التعليمية بشكل حد أدنى، ومع ذلك تواصل فرض اشتراطات أخلاقية متشددة على الطالبات، بدلًا من البحث عن حلول لأزمات التعليم الحقيقية.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر ناشطون عن استنكارهم لما وصفوه بسياسة “تجهيل الطفلة باسم الفضيلة”، مؤكدين أن مديرات المدارس اللاتي يفرضن هذه الإجراءات يكنّ أولى بالمطالبة برواتب المعلمين وتحسين البيئة التعليمية، بدلًا من المساهمة في فرض وصاية اجتماعية مشوهة على فتيات في عمر الزهور.

واعتبروا أن الوقوف تحت الشمس لساعة أو ساعتين يوميًا، بسبب عدم لبس الجلباب، ليس سوى صورة من صور التعذيب النفسي بحق أطفال، وأن استمرار مثل هذه الممارسات دون رادع يعكس انهيار المنظومة التربوية وتحولها إلى أداة للضبط الأيديولوجي.

في ختام المشهد، يتساءل كثيرون: ما جدوى وجود وزارة تربية وتعليم لا تطبع المناهج، ولا تصرف رواتب، ولا تحمي الطفولة من الانتهاك؟ وهل تحوّلت المدارس في صنعاء إلى وسيلة لتنشئة الطاعة والخضوع، لا منصة للمعرفة والتنوير؟.

شارك الخبر: