• الساعة الآن 02:38 AM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

صنعاء: حزمة التغييرات الجذرية تصطدم بالدستور وتورّط مجلس النواب

news-details

 

 

النقار - خاص

أثار إعادة مجلس النواب بصنعاء لمشروع قانون مجلس الوزراء إلى الحكومة لمزيد من الدراسة العديد من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى ذلك.

وأعيد مشروع القانون إلى الحكومة في أول جلسة برلمانية خُصصت لمناقشته يوم السبت 7 ديسمبر/كانون الأول 2024، وقبل أن يُحال إلى اللجنة الدستورية للتأكد من مدى دستوريته.

وتساءل النائب عبده بشر عمّا يحصل، مشيرًا إلى أنه لأول مرة يرفض النواب قانونًا لمخالفته للدستور.

وكثير من مشاريع القوانين التي تدفع بها سلطة صنعاء عبر الحكومة لا تُحال إلى اللجنة الدستورية، وإنما تُحال إلى لجنة خاصة، يكون أحيانًا من بين أعضائها ممثلون عن اللجنة الدستورية، كما حصل مؤخرًا في مشروع قانون الآلية المؤقتة لدعم فاتورة المرتبات وحل مشكلة صغار المودعين.

وهنا يتساءل النائب بشر: هل هي صحوة؟ أم بث تجريبي؟ أم تخلّي الرئاسة عن الحكومة وعدم الضغط لتمرير القانون أسوة بقوانين سابقة مخالفة للدستور تم تمريرها عبر مجلس النواب؟ أم ماذا؟ واصفًا ما حصل بأنه خطوة في المسار الصحيح.

ويُنظَّم عمل مجلس الوزراء بموجب القانون رقم (3) لسنة 2004، والذي جاء بديلًا للقانون رقم (20) لسنة 1991 الصادر بقرار جمهوري.

وقدمت حكومة الرهوي مشروع قانون جديد لمجلس الوزراء، وليس مشروع تعديل للقانون النافذ.

يقول مصدر برلماني للنقار إن مشروع القانون حوى عددًا من المواد التي تتضارب مع عدد من مواد الدستور التي تُنظّم عمل واختصاصات مجلس الوزراء، ما جعل مناقشته أمرًا مستحيلًا. لكن مصدرًا واسع الاطلاع لفت إلى أن مشروع القانون أثار خلافًا بين أطراف نافذة في السلطة بعد إقراره من مجلس الوزراء وقبل تقديمه للبرلمان للمصادقة عليه، بسبب تداخل صلاحياته مع قوانين صدرت بقرارات جمهورية مؤخرًا.

وكان مجلس الوزراء قد أقر مشروع القانون في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وقدّمه للبرلمان مع عدد من مشاريع القوانين للمصادقة عليه. لكن مصدرًا مطّلعًا أفاد النقار بأن نافذين في مكتب الرئاسة اعترضوا على بعض مواده بعد تقديمه للبرلمان، بمبرر أنه يمنح صلاحيات لمجلس الوزراء تتجاوز صلاحيات الرئاسة.

ويتكون مشروع القانون من أربعة أبواب شملت تكوين مجلس الوزراء وتنظيم علاقته بمجلس النواب، والمبادئ والقيم والمهام والاختصاصات، والجهاز التنفيذي لرئاسة الوزراء ومكتب رئيس الوزراء، والحقوق والامتيازات والأحكام الختامية.

في حين أن القانون النافذ رقم (3) لسنة 2004 يتكون هو الآخر من أربعة أبواب، لكنها تختلف إلى حد كبير عن مشروع القانون الجديد، حيث تشمل تكوين مجلس الوزراء وشروطه وتشكيله، واختصاصات مجلس الوزراء وتنظيم أعماله، وأسس تنظيم الوزارات وإقالة الحكومة، والأمانة العامة ومكتب رئيس الوزراء، والحقوق والامتيازات والأحكام الختامية.

ويكشف مشروع القانون الجديد حجم التغيير الذي طرأ على الهيكل الإداري لمجلس الوزراء بعد إعلان تشكيلة حكومة الرهوي، وهو ما اقتضى إصدار قانون جديد لتنظيم أعماله، لأن القانون النافذ لم يعد مستوعبًا لحجم التغيير الذي حصل، والذي لم يراعِ القواعد الدستورية المنظمة لعمل مجلس الوزراء واختصاصاته. ما يكشف حجم الورطة الدستورية التي وقعت فيها السلطة عند دمج وتوزيع قطاعات الوزارات واستحداث وزارات جديدة وإلغاء أخرى.

وحجم الورطة التي وقعت فيها سلطة صنعاء عند هيكلة مجلس الوزراء وإعادة تحديد مهام اختصاصات الوزارات لا يرتبط فقط بالتضارب مع القواعد الدستورية، وإنما أدى إلى تضارب بين مشروع قانون مجلس الوزراء وقرار إنشاء مكتب لرئاسة الوزراء بدلًا من مكتب رئيس الوزراء الذي كان ينظمه القانون النافذ، والقرارات التي تم بموجبها إعادة تحديد مهام واختصاصات كل وزارة.

وفي هذا السياق قال مصدران مطلعان للنقار إن القانون النافذ لمجلس الوزراء لم يعد قابلًا للتنفيذ في ظل التغيير الكبير الذي طرأ على الجهاز الإداري للدولة، وفي الوقت نفسه فإن مشروع القانون البديل بدا متضاربًا مع القرارات الجمهورية بإعادة تحديد مهام واختصاصات الوزارات، وتشكيل مكتب لرئاسة الوزراء، ومكتب قانوني للدولة يتبع رئاسة الوزراء. وأوضحا أنه إما يتم العمل بالقرارات التي صدرت، وإما إلغاؤها وتنظيم عمل مجلس الوزراء بقانون جديد.

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف سينظم عمل مجلس الوزراء بقانون، فيما هذا القانون لن تشمل أحكامه تنظيم عمل مكتب رئاسة الوزراء المستحدث، والذي نظم عمله بقانون صدر بقرار جمهوري في 24 أغسطس/آب 2024؟

وهذا نموذج فقط للتضارب القانوني في الاختصاصات الذي تواجهه حكومة الرهوي، والذي سيجعلها تخوض معركة قانونية لا يبدو أنها ستخرج منها.

وكان الأولى إيجاد أرضية قانونية تنظم عمل الجهاز الإداري للدولة قبل الشروع في إجراء ما سُميت بالتغييرات الجذرية التي استهدفت الجهاز الإداري للدولة، والتي أثبت واقع التطبيق الأولي في أول أربعة أشهر من عمر الحكومة أنها كانت مجرد حالة من الارتجال لتفصيل المناصب وفق رغبات نافذين يسعون لفرض سلطة مطلقة على الجهاز الإداري للدولة. وما ظهر في مشروع قانون مجلس الوزراء ليس إلا بداية لما ستكشفه الأيام من التضارب القانوني وتداخل الاختصاصات والصلاحيات.

شارك الخبر: